لا تقارن ابنك بغيره..!
د.عجاج: عدم الاهتمام بالفروق الفردية سبب في
تراجع ثقة الطفل
ذكر "د. سيد أحمد عجاج" -أستاذ الصحة
النفسية المساعد بجامعة الملك فيصل- أنّ الثقة بالنفس من الأركان الأساسية للنمو
النفسي السوى، فالأطفال الذين يفتقدون هذه الصفة أكثر ميلاً للإصابة بالاكتئاب،
القلق، والاضطرابات الغذائية، وربما يتقاعسون عن المشاركة في الأنشطة التي من
المفترض أنّها تجلب لهم المتعة، ولكن الإلحاح الشديد على غرس احترام الذات في نفوس
ربما تكون له عواقب سلبية، وقد ظهر ذلك من خلال نتائج البحوث التي أظهرت أنّ هناك
فئة كبيرة من الآباء يلجؤون إلى تحقيق ذلك من خلال طرق قد لا تكون صائبة، منها
الإفراط الشديد في الثناء على الطفل بمناسبة ودون مناسبة.
وبيّن أنّ هناك العديد من الأساليب التربوية
التي تؤدي إلى بناء الثقة بالنفس عند الأطفال منها: إعطاء الطفل الفرصة للتعبير عن
ذاته من خلال المحاولة والخطأ، أي أن يتعلم السلوكيات الصحيحة بعد أن أخطأ أكثر من
مرة فيها، ونتيجة المحاولة المستمرة يتم تصحيح السلوك غير المرغوب فيه إلى السلوك
المرغوب، إلى جانب التقدير السليم لإمكانات الطفل وإنجازاته وأعماله، وتشجيعه
بصورة مستمرة على سلوكياته المرغوب فيها وأعماله الجيدة، وعدم عقابه بصورة شديدة
على أخطائه خاصة العقاب البدني.
وقال إنّ التشجيع المستمر للسلوك الجيد يؤدي إلى
تدعيمه في نفس الطفل، وغرس الثقة بنفسه والقدرة على إبداء الرأي في بعض الموضوعات،
إلى جانب إعطائه فرصةً لتكوين علاقات مع من هم في مثل عمره، مع توفير البيئة
الأسرية السليمة وعدم طرح المشكلات الأسرية المعقدة المقلقة أمامه؛ لعدم إدراكه
لأبعادها ونتائجها السلبية، وتوفير القدوة الحسنة له والتي يكتسبها من الأسرة، ثم
من محيطه الخارجي في المدرسة والبيئة التي يعيش فيها، وإعطائه قسطاً أكبر من
الحرية التي تجعله أكثر استجابة وشعوراً بالثقة وتحملاً للمسؤولية، مشدداً على
ضرورة الاهتمام بنوعية برامج وسائل الإعلام التي تساهم على تنمية الثقة بالنفس لدى
الطفل، حيث يجب أن تكون البرامج التي تعرض في وسائل الإعلام قادرة على إكسابه
وتعليمه السلوكيات الجيدة، إلى جانب إظهار الشخصيات المثالية للطفل لكي يتعلم
منها، فهو يميل إلى التقليد والمحاكاة.
وأضاف أنّه لابد من فهم اختلاف قدرات الأطفال -الفروق
الفردية-، فكل منهم يمتلك قدرات قد لا تكون متوافرة في أخيه أو عند زميله في
المدرسة، لهذا على أولياء الأمور أن يتبعوا أفضل الطرق التربوية في تعزيز الثقة
عند الطفل، فالثقة أمرٌ ضروري في بناء الشخصية ونمائها وتطورها، وهي عنصر مطلوب
وأساسي لدى كل فرد في سبيل مواجهة الحياة وأعبائها المختلفة، ولذلك يجب على
الوالدين إيضاح الأخطاء وتصحيحها للطفل، وتوضيح أنّ الفشل لا يعني النهاية، بل
البداية لتصحيح الأخطاء والمحاولة من جديد.
مقارنة الطفل بغيره تجعل منه إمعة يقبل الأمور بدون تفكير
وأشار إلى أنّه على الوالدين تعليم الطفل عدم
الخوف من تكرار التجربة عند الفشل في أمر ما، مع البحث عن السبب الذي أدّى إلى عدم
تحقيق نتائج إيجابية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة لديه، إلى جانب عدم المقارنة بين
الأطفال، معتبراً ذلك خطأ شائعاً يتكرر لدى الآباء والأمهات وهو أسلوب المقارنة،
لافتاً إلى أنّ المقارنة تؤدي إلى تراجع الثقة وعدم الرغبة في التجربة والمحاولة
من جديد، ولها آثار سلبية تراكمية قد تؤثر بشكل سلبي في المستقبل، إلى جانب
المساندة والتدعيم النفسي، والتي تتمثل في مساندة الطفل ودعمه نفسياً، من خلال
تقديم المساعدة والتشجيع على تحقيق الذات، من خلال المحاولة وعدم اليأس.
وقال أنّه يمكن اكتشاف الميول والمواهب لدى
الطفل وتنميتها لتعزيز الثقة في النفس، عن طريق مراقبة الأبناء من حيث طريقة
الكلام وأساليب التعبير والسلوك في البيت، ومحاولة الإجابة عن جميع الأسئلة التي
يطرحونها ببساطة وسهولة، ومحاولة توفير الأدوات التي تساعدهم على إظهار ميولهم،
كتوفير أدوات الرسم إذا كانوا يحبون الرسم، وتوفير الألعاب المختلفة ومشاركاتهم في
الألعاب، مؤكّداً على أنّ مقومات الثقة بالنفس تتمثل في احترام الذات بتقدير
الآخرين، والتعامل الجيد مع القريب والبعيد، والثبات في القول مع عدم الترد،
والدفاع عن الحق بكل الوسائل، والتوازن العاطفي، والتحقق والتبين عند كل غموض.
وأضاف أنّ الخوف غريزة طبيعية وهو انفعال فطري، ويرتبط بالمحافظة على
البقاء، مبيّناً الخوف عند الأبناء يجعل الآباء قلقين على مستقبلهم، فالأب يود أن
يكون ابنه شجاعاً واثقاً من نفسه، لكنه يجد في ولده الصغير كثيراً من الخوف
والرهبة من بعض الأمور أو المواقف، لافتاً إلى أنّ الخوف ضروري أحياناً، ليكون
هناك نوع من الحذر والحيطة تجاه مواقف معينة، مضيفاً أنّ بعض الآباء يرتكبون أخطاء
كبيرة في حق أبنائهم، فيستخدمون الخوف كوسيلة مجدية لفرض الطاعة عليهم، ومن الصعب
الفصل بين الخوف والعقاب في التربية، وموقف الطفل تجاه العقاب يجب أن يتصف
بالاتزان، فلا يصل إلى درجة الرعب والهلع أو إلى درجة اللامبالاة، بل يكون في درجة
وسط بينهما، لنستطيع تقويمه وتوجيهه نحو السلوك الاجتماعي الأفضل، من دون أن نفقده
الثقة في نفسه نتيجةً للخوف، أو عدم الاهتمام نتيجةً الاطمئنان الكامل والأمان من
العقاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق